السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في ضوء بعض ماقيل مؤخرا عن الدكتور سيد القمني أحببت أن أسجل موقفي بخصوص هذا ، خاصة أن الجدال الذي دار حول حصول القمني علي جائزة الدولة التقديرية أثار إهتمام الناس بأعماله وأثار أيضا خلافات مريرة حول حق التعبير والفكر.
في ضوء بعض ماقيل مؤخرا عن الدكتور سيد القمني أحببت أن أسجل موقفي بخصوص هذا ، خاصة أن الجدال الذي دار حول حصول القمني علي جائزة الدولة التقديرية أثار إهتمام الناس بأعماله وأثار أيضا خلافات مريرة حول حق التعبير والفكر.
أقرأ للقمني وغيره منذ زمن بعيد. أذكر جيدا أول كتاب قرأته له وكان إسمه "موسي وأخر أيام تل العمارنة" وتلا ذلك الكتاب تلو الكتاب. ونظرا لحبي للتاريخ إهتممت بمراجعة مصادر هذه الأعمال والتحقق من المنهاج الذي إتبعه القمني في دراساته. كان من الواضح في هذه الكتابات الأولي أن القمني يركز في أبحاثه علي قصص التوراة تحديدا ، فحين تكلم عن الأنبياء موسي وإبراهيم عليهما السلام فعل ذلك من منطلق توراتي بحت ، وكانت نظريته الأساسية هي أن التوراة قد تأثرت بأساطير الشعوب التي إختلط بها العبرانيين الأوائل كالبابليين والمصريين القدماء. ومن هذا المنطلق يتناول القمني معظم الروايات التوراتية عن هؤلاء الأنبياء وغيرهم ويقارن ويفاضل بينها وبين أساطير هذه الشعوب. عامة هذا ليس إتجاها حديثا وقد سبقه في ذلك العديد من المؤرخين التوراتيين الأوروبيين الذين لم يخفوا حقيقة كفرهم بالتوراة ككتاب سماوي منزل
علي الرغم من تركيز القمني علي التوراة ، يتضح للقاريء المدقق أن هذا الإتجاه فيه مافيه من التأثير علي القرأن ، حيث أن معظم قصص الأنبياء في التوراة لها قرينتها في القرأن ، فإذا كانت قصص التوراة أساطيرا فذلك ينطبق أيضا علي قصص القرأن. إذا الرأي هنا هو رأي مضاد لمصداقية قصص الأنبياء بالقرأن ولكن يبدو أن المؤلف في هذه الفترة لم يرد أن يفتح هذا الملف علي مصراعيه فأشار فقط إلي النسخة التوراتية. كان كل ذلك قبل أن يستجمع القمني شجاعته ليكتب مباشرة في الإسلام بكتابيه الشهيرين "حروب دولة الرسول" و"الحزب الهاشمي".
كل ذلك في رأي المتواضع لا يقدح في سيد القمني كباحث له فكره ، علي الرغم من الملاحظة التي أشار إليها العديد من منتقديه ، وأنا أوافقهم ، أنه يتميز بالشيء ليس القليل من الإنتقائية في المصادر وما يأخذ به من أصول ، والأمثلة علي ذلك كثيرة ولكني لن أتطرق إليها هنا ، وقد أفرد لها يوما بحثا بكامله.
ما الموقف من القمني إذا؟
لاشك أننا ننادي بحرية الرأي الديني وأيضا حرية الرأي العلمي. ونعلنها مدوية في جميع المحافل أن الرقابة علي الفكر ، أي فكر ، غير مقبولة ولا ينتج عنها ، خاصة في عصر الإنترنت ، إلا المزيد من الإهتمام بهذا الفكر المغضوب عليه. أبلغ مثال علي ذلك هو الكاتب سلمان رشدي الذي أزعم لم يكن ليسمع عنه أحد إن لم تكن فتوي الخميني الشهيرة. اليوم كتب رشدي تروج علي أنها من الأعمال الأدبية العظيمة. وفي عصرنا هذا بالذات يستطيع الإنسان أن يجد علي الإنترنت نسخة من أي عمل مغضوبا عليه ، بل يجده محاطا بهالة من القدسية يعجب لها المرء ولم تكن لتكون هذه الهالة إن لم يثار كما من الغبار حول هذا العمل أو ذاك.
ولذلك أنا أقول: فلندع من يريد يكتب ما يريد. هل سيتأثر به الناس ؟ نعم ، ولكن حجم هذا التأثير سيكون مناسبا لحجم الفكر ، لكن الهجوم عليه وإعطاءه حجما أكبر من حجمه يزيد من هذا التأثير زيادة غير مناسبة لحجمه الحقيقي. فليكتب القمني ، ولينشر كتبه وأراءه ، ولندع الباحثين يكتبون ردودهم عليه ، ينتقدونه ليس من وازع ديني فقط ولكن أيضا من وازع علمي ، مفندين أراءه إن كانت قابلة للتفنيد وناقدين مصادره إن إستطاعوا. فليكن الحوار أكاديميا كما يجب أن يكون. وفي هذا لا ننسي حكمة الخالق في أيته الكريمة:
فأما الزبد فيذهب هباء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض
هذه الأية العظيمة التي أثبتت صدقها المرة بعد المرة ، فكم من كتاب وكم من رأي ذهب مذهب الريح ولم يتبقي لنا من كم العلوم والأداب الإنسانية غير ما أثبت نفعه المرة تلو المرة.
ماذا عن الجائزة؟ ماذا عن ما أثير حول شهادة الدكتوراه؟
أقول
في ما يختص بالجائزة فمن حق الدولة إعطاء أي جائزة لمن تراه جديرا بها ، ومن حق الشعب أن يراجع الدولة في هذا. فليكن هذا حوارا قائما حول إن كانت الجائزة أعطيت لمستحق لها كباحث وكاتب ولندع دينه وإيمانه جانبا ، ففي هذا لا يحق لنا أن نراجعه.
أما بالنسبة لموضوع الدكتوراة فلا تعليق عندي في هذا إلا أن أقول: أنقدوا الرجل من كتاباته فهذا كل ما لكم عنده. ما يفعله في حياته الشخصية من أخطاء ، إن كانت أخطاءا ، فلا دخل لنا بها ما لم تؤثر علينا تأثيرا مباشرا. لقد قال الدكتور القمني أن شهادته قد تمت معادلتها من قبل المجلس الأعلي للجامعات ولم أسمع حتي اليوم تكذيبا لهذا. فحتي هذا الحين سأستمر في تسميته بالدكتور وسأستمر في القول أن لا شأن لي بهذا الموضوع.
في ما يختص بالجائزة فمن حق الدولة إعطاء أي جائزة لمن تراه جديرا بها ، ومن حق الشعب أن يراجع الدولة في هذا. فليكن هذا حوارا قائما حول إن كانت الجائزة أعطيت لمستحق لها كباحث وكاتب ولندع دينه وإيمانه جانبا ، ففي هذا لا يحق لنا أن نراجعه.
أما بالنسبة لموضوع الدكتوراة فلا تعليق عندي في هذا إلا أن أقول: أنقدوا الرجل من كتاباته فهذا كل ما لكم عنده. ما يفعله في حياته الشخصية من أخطاء ، إن كانت أخطاءا ، فلا دخل لنا بها ما لم تؤثر علينا تأثيرا مباشرا. لقد قال الدكتور القمني أن شهادته قد تمت معادلتها من قبل المجلس الأعلي للجامعات ولم أسمع حتي اليوم تكذيبا لهذا. فحتي هذا الحين سأستمر في تسميته بالدكتور وسأستمر في القول أن لا شأن لي بهذا الموضوع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق