بسم الله الرحمن الرحيم
من المصادفات الطريفة أن ينشر هذا الخبر:
أياما قليلة بعد نشري( أول مرة) لمقالي القصير عن الصحابي عبد الله بن عباس:
كما لو كان السيد الوزير يرد علي بصورة مباشرة. وهكذا فإني أجد نفسي لا أستطيع أن أفوت هذه الفرصة الذهبية للتعليق علي أقوال الوزير.
لا أدعي هنا أني أنتمي لمن يسمون بالقرأنيين ، بل أنا بالأحري أمقت المسميات بصفة عامة. لم ينزل الإسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم مصحوبا بمسميات "السنة والشيعة والأشاعرة والقرأنيين والصوفيين" وخلافه ، بل نزل رسالة واحدة لكل البشر. كما أن القرأن أوضح لنا ، بلا خلاف ، أن الإسلام هو دين الفطرة التي جبل عليها البشر منذ أن صاروا بشرا. ولست أيضا بصدد الدفاع عن من سماهم الوزير بالقرأنيين تحديدا (وإن كنت أحترم وجهة نظرهم بشدة) ولست أيضا بصدد الهجوم علي أستاذي الدكتور محمود حمدي زقزوق ولكني أجد بعض النقاط في كلامه جديرة بالتعليق حتي وإن كنت أعلم أن هذا الرد لن يصل إليه.
من هم القرأنيون؟
من أصعب الأمور علي الإنسان أن يتقدم بتعريف مفهوم ما يكون شاملا وعاما وفي نفس الوقت يتفق عليه كل الناس. كيف نعرف القرأنيون؟ هل هم من ينكرون السنة النبوية بالكامل؟ إذ كان هذا صحيحا فالرد الطبيعي والمنطقي هو: كيف ننكر السنة بالكامل وفيها كيف نصلي وكيف نحج وباقي تفاصيل شعائر الإسلام؟ كما قد يبدو أيضا أن إنكار السنة علي عمومه شيئا يخالف القرأن في محكم اياته حين يقول: بسم الله الرحمن الرحيم "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا". القرأنيون نفسهم ، ممثلين في شيخهم الدكتور أحمد صبحي منصور أحد علماء الأزهر الشريف سابقا يعرفون أنفسهم كالأتي:
منقول من موقع "أهل القرأن":
"أهل القرآن هو موقع يجمع كل من يؤمن بأن القرآن هو المصدر الوحيد للإسلام و شريعته. و أنه لم يفرط فى شيئ يحتاج اليه المسلمون. وأنه نزل تبيانا لكل شيئ ، لأنه سنة الله الذى كان خاتم النبين محمد عليه السلام مأمورا باتباعه وحده. اهل القرآن يؤمنون بأن الاسلام دين الرحمة والسلام و العدل والاحسان و المواطنة و حقوق الانسان والحرية المطلقة فى الفكر و العقيدة و فى اقامة الشعائر الدينية لكل انسان. أهل القرآن باعتبارهم دعاة وباحثين يستهدفون بجهادهم الفكرى السلمى اصلاح المسلمين بالرجوع الى جوهر الاسلام الحقيقي وهو القرآن الكريم وفهمه فهما موضوعيا وفق مصطلحاته وأسسه التشريعية ثم الاحتكام عليه فى تاريخ المسلمين و أفعالهم دون تقديس لبشر او حجر. اذ لا تقديس الا لله تعالى وحده. أهل القرآن بذلك ليسوا جماعة او طائفة او حزبا وانما هو اتجاه فكرى دعوى مفتوح امام كل ذى عقل من اجل ازالة كل المتاريس التى وضعها الكهنوت الديني امام حركة الاجتهاد العلمي والعقلى للمسلمين ."
"أهل القرآن هو موقع يجمع كل من يؤمن بأن القرآن هو المصدر الوحيد للإسلام و شريعته. و أنه لم يفرط فى شيئ يحتاج اليه المسلمون. وأنه نزل تبيانا لكل شيئ ، لأنه سنة الله الذى كان خاتم النبين محمد عليه السلام مأمورا باتباعه وحده. اهل القرآن يؤمنون بأن الاسلام دين الرحمة والسلام و العدل والاحسان و المواطنة و حقوق الانسان والحرية المطلقة فى الفكر و العقيدة و فى اقامة الشعائر الدينية لكل انسان. أهل القرآن باعتبارهم دعاة وباحثين يستهدفون بجهادهم الفكرى السلمى اصلاح المسلمين بالرجوع الى جوهر الاسلام الحقيقي وهو القرآن الكريم وفهمه فهما موضوعيا وفق مصطلحاته وأسسه التشريعية ثم الاحتكام عليه فى تاريخ المسلمين و أفعالهم دون تقديس لبشر او حجر. اذ لا تقديس الا لله تعالى وحده. أهل القرآن بذلك ليسوا جماعة او طائفة او حزبا وانما هو اتجاه فكرى دعوى مفتوح امام كل ذى عقل من اجل ازالة كل المتاريس التى وضعها الكهنوت الديني امام حركة الاجتهاد العلمي والعقلى للمسلمين ."
ويوضح القرأنيون الإجابة علي التساؤلات أعلاه في موقعهم أيضا:
إذا فالقرأنيون تصدوا بالفعل لكل هذه التساؤلات وهم بهذا ليسوا بحاجة لمن يدافع عنهم. مايعنيني في كلام الدكتور زقزوق هو مقولتيه:
"الإشارة إلى أحد الصحابة فى القرآن الكريم"
"أن التشكيك فى الصحابة رضوان الله عليهم ،هو أول طريق لهدم السنة النبوية المطهرة، مطالبا بإعادة الثقة للمسلمين فى صحابة الرسول فى كل العالم الإسلامى، لأنها، حسب وصفه، هى الأصل الإسلامى وهى مسئولية على علماء الأمة لإزالة تلك الشكوك"
أستاذي د. زقزوق ؛ هل لك أنا تتفضل وتوضح لنا إلي من من الصحابة أشار القرأن وفي أي أياته؟ هل أراك تقصد هذه الأية الكريمة:
"الإشارة إلى أحد الصحابة فى القرآن الكريم"
"أن التشكيك فى الصحابة رضوان الله عليهم ،هو أول طريق لهدم السنة النبوية المطهرة، مطالبا بإعادة الثقة للمسلمين فى صحابة الرسول فى كل العالم الإسلامى، لأنها، حسب وصفه، هى الأصل الإسلامى وهى مسئولية على علماء الأمة لإزالة تلك الشكوك"
أستاذي د. زقزوق ؛ هل لك أنا تتفضل وتوضح لنا إلي من من الصحابة أشار القرأن وفي أي أياته؟ هل أراك تقصد هذه الأية الكريمة:
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً
لست أظن أن هذه الأية هي مقصدك حيث أنها لاتذكر أحدا من الصحابة بالإسم بل تتحدث عن رفقاء للرسول لهم صفات محددة تعددها الأية وليس من التأويل أن ننسب هذه الصفات لواحد أو أخر من صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام بل هي صفات عامة. إذا فهذه الأية ليست ما تقصد بقولك " أحد الصحابة فى القرآن الكريم"
أم عساك تقصد:
وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ والإنجيل يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
لا أظن ذلك أيضا حيث أن قوله تعالي "الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل" إشارة واضحة لأهل الكتاب تحديدا وليس لصحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم اللائي كان غالبيتهم العظمي من مشركي قريش والمدينة قبل الرسالة.
وهكذا تتوالي الأيات التي تتحدث عن من أمن برسالة الإسلام بصفة عامة بلا ذكر لأشخاص محددة بالإسم أو حتي بالإيحاء ، مثال ذلك:
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ، مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً.
وغيرها الكثير.
لست أفهم إذا من هم الصحابة الائي يشير إليهم القرأن علي قولك سيدي الوزير؟ بل أني أضيف أيضا أنه حتي في الأيات العامة أعلاه لا يأمرنا الله في أي منها بإسباغ أي نوع من أنواع القدسية عليهم بل أكثر ما يمكن أن يقال في هذه الأيات أنها تحثنا جميعا علي الإقتداء هذه الصفات بغض النظر عن من ، تحديدا ، المقصودين بهذه الأيات.
مقولتك الثانية ، سيادة الوزير ، تحتوي علي نقطتين: الأولي هي هجومك علي "التشكيك في الصحابة" علي أنه شيئا مقيتا ، ناسيا ، أو متناسيا ، أن ما سميته سيادتكم تشكيكا هو في الواقع القاعده الأساسية لأحد أهم علوم الحديث وهو مايسمي بعلم الرجال أو الجرح والتعديل وهو العلم القائم بالأساس علي البحث عن أحوال رواة الحديث من حيث اتصافهم بشرائط قبول رواياتهم أو عدمه. أي أنه علم وضع لتشخيص رواة الحديث، ذاتا ووصفا، ومدحا وقدحا. فلا يستقيم علم الحديث بما عدا ذلك وينهار من الأساس. فإذا كان هؤلاء الصحابة بذاتهم هم أكبر رواة الحديث فنحن حين نشكك فيهم ، إذا شككنا ، كان ذلك لا يختلف أيما إختلاف عن ما فعل علماء الحديث في جميع العصور.
لست أفهم إذا من هم الصحابة الائي يشير إليهم القرأن علي قولك سيدي الوزير؟ بل أني أضيف أيضا أنه حتي في الأيات العامة أعلاه لا يأمرنا الله في أي منها بإسباغ أي نوع من أنواع القدسية عليهم بل أكثر ما يمكن أن يقال في هذه الأيات أنها تحثنا جميعا علي الإقتداء هذه الصفات بغض النظر عن من ، تحديدا ، المقصودين بهذه الأيات.
مقولتك الثانية ، سيادة الوزير ، تحتوي علي نقطتين: الأولي هي هجومك علي "التشكيك في الصحابة" علي أنه شيئا مقيتا ، ناسيا ، أو متناسيا ، أن ما سميته سيادتكم تشكيكا هو في الواقع القاعده الأساسية لأحد أهم علوم الحديث وهو مايسمي بعلم الرجال أو الجرح والتعديل وهو العلم القائم بالأساس علي البحث عن أحوال رواة الحديث من حيث اتصافهم بشرائط قبول رواياتهم أو عدمه. أي أنه علم وضع لتشخيص رواة الحديث، ذاتا ووصفا، ومدحا وقدحا. فلا يستقيم علم الحديث بما عدا ذلك وينهار من الأساس. فإذا كان هؤلاء الصحابة بذاتهم هم أكبر رواة الحديث فنحن حين نشكك فيهم ، إذا شككنا ، كان ذلك لا يختلف أيما إختلاف عن ما فعل علماء الحديث في جميع العصور.
النقطة الثانية هي قولك أن "الثقة في الصحابة" هي "الأصل الإسلامي". هنا أتساءل ماذا عنيتم بهذا؟
لست أري الثقة في الصحابة من أصول الإسلام ، لأن الثقة في شخص ما توحي بالإعتماد الكلي علي هذا الشخص والجنوح إلي الأخذ بكلامه وأرائه أخذا مطلقا وبلا تردد. وهذا يتعارض مع ماذكرته أعلاه بخصوص علم الرجال. كما يثير هذا تساؤلات أخري منها: إذا وضعنا ثقتنا في صحابة رسول الله بصورة مطلقة ويتبع هذا ، كما أسلفت ، الثقة المطلقة في أرائهم ، كيف يكون الحال في حالة إختلاف الصحابة؟ كيف يتوافق هذا مع الثقة المطلقة فيهم؟ القاريء قد يتساءل: وهل إختلف الصحابة؟
من المستحيل الإجابة علي هذا السؤال الأخير بدون أن يتحول هذا المقال إلي عدة مجلدات. بدأ من إختلاف الصحابة عند السقيفة بعد وفاة الرسول مرورا بنزاعاتهم في عهد أبو بكر الصديق وإنتهاءا بما سمي في ما بعد بالفتنة الكبري في عهدي عثمان بن عفان والإمام علي بن أبي طالب. بل قد لايعرف القاريء أن هناك من المرويات عن نزاعات وخلافات الصحابة مما لا يتسع له دائرة المعارف البريطانية من خلافات حول تدوين القرأن في عهد عثمان إلي نزاعات عسكرية ومعارك في عهد علي. فكيف تقرر ، يا سيادة الوزير ، أن الثقة في الصحابة هي "الأصل الإسلامي"؟ بمن منهم نثق ثقة مطلقة؟ وكيف ننتقي؟ ألم يكن قتلة عثمان من المسلمين الذين عاصروا ، بل وصاحبوا ، رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ ألم يكن المتنازعون في الفتنة الكبري وما تلاها من معارك من صحابة الرسول وكان منهم المبشرون بالجنة؟ بمن منهم نثق؟ أم عسانا نقول مثل ما قال الصحابي سعد بن أبي وقاص حين سألوه مع أي الأطراف سيحارب "لا أقاتل حتى تأتونى بسيف يعقل ويبصر وينطق فيقول أصاب هذا وأخطأ هذا".
عفوا سيدي الوزير وأستاذي الكبير ، فقد جانبك الصواب في مقولاتك هذه. في النهاية أجدد إحترامي وتقديري
عفوا سيدي الوزير وأستاذي الكبير ، فقد جانبك الصواب في مقولاتك هذه. في النهاية أجدد إحترامي وتقديري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق