الأحد، 25 أبريل 2010

دستور مسلمون ولكن

نحن ، "‫مسلمون ولكن"‫ ، في محاولة إجتهادية لفهم رسالة الله إلينا ، رأينا أن نجمع هنا منهجنا الأساسي في التعامل مع الإسلام.
نعتبر ما يلي ، دائما وأبدا ، رسالةّ في طور التطوير والتطور ، وندعو قراءنا لإقتراح الإضافات والتعديلات اللتي يرونها.‫

1) نقر بأن المصدر الأساسي والوحيد الذي نستمد منه فهمنا لرسالة الله هو القرأن الكريم ، كتاب الله ، كلامه حرفا ومعني ، الذي أنزله ونزله علي محمداّ بن عبد الله رسوله وخاتم النبيين منذ أكثر من أربعمائة وألفاّ من الأعوام. ونقر أن أيات القرأن تحتمل جديد التأويل وتطور الفهم بتطور العقل الإنساني والحضاري ، وأن هذه هي حكمة الله في رسالته ، وأصل ما عرف لنا أن القرأن هو لكل مكان ولكل زمان.

2) نؤمن بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام الفعلية والعملية في العبادات التي وصلت إلينا بالتواتر مثل أصول الصلاة والحج المعروفة ، ونعتبرها ، عن حق ، وعدا ما سواها ، معلوما من الدين بالضرورة.‫

3) نقرأ الأحاديث النبوية الشريفة كما وصلت إلينا من كتب الأحاديث المختلفة ، سنيةّ أو شيعية ، سواءاّ بسواء ، ونعتبرها كلها روايات ظنية الثبوت تحتمل الخطأ والصواب. ماتعارض منها مع القرأن رفضناه جملةّ وتفصيلا ، ما لم يتعارض مع القرأن نعرضه علي ميزان العلم الوضعي والعقل ، ما تناقض تناقضاّ صريحاّ رفضناه ، ما لم يتناقض نعرضه علي ميزان الأخلاق والضمير ، ما تعارض رفضناه وما إتفق أخذنا به إستشهادا وإسترشادا وليس إلزاما. الحلال والحرام هما ما حلل الله وحرم في كتابه العزيز ، والفروض ما فرض بِهِ.

اللهم أرنا الحق حقا وإرزقنا إتباعه ، وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه

توقيع

"مسلمون ولكن"‫

الخميس، 22 أبريل 2010

إلا الأطفال

زوارنا الأعزاء

كما تعلمون هذه المدونة لمناقشة أمور ديننا الحنيف. ولكني قرأت اليوم خبرا وإن كان قديما إلا أن تأثيره علي كان من الدرجة التي لم أستطع بها عمل أي شيء غير التفكير فيه لساعات. الخبر بتفاصيله  وبعض الصور هنا:


وهناك المزيد في موقع محطة السي بي إس الأمريكية.‫

ضغطت علي الرابط ، وتوقف عقلي عن التفكير ...‫


عُطِلَت مداركي ساعات وساعات ، توقف لمقابلتي بعض الزملاء لمناقشة أمور العمل. لست أذكر ما قالوه ، لست أذكر حتي ردودي. دق جرس الهاتف ، لست أذكر من. قرأت بريدي الإلكتروني ورديت عليه بصورة ميكانيكية. أستحوز هذا الخبر علي كل أفكاري باقي اليوم.


لماذا أثر في هذا الخبر بهذا الشكل؟ لِمَ هذا الخبر تحديداً؟ لِمَ لَمْ تُحدث بي صور مجاعات أفريقيا أو غيرها من مأسي هذا العالم نفس التأثير؟ نعم نتأثر لكل حدث تتجلي فيه ظلمات أعماق النفس البشرية ، ونفعل ما نستطيع لنرفع الظلم عن من نقدر ، ولكن هذا الخبر ... هذا الخبر ... 


إزداد الأسي والحزن ، بل والدموع ، حين إطلاعي علي المواقع الأصلية وعلمي أن عدد الأطفال كان أربع وعشرون كلهم من ذوي الإحتياجات الخاصة وقد وجد الأطباء علامات إعتداءات جنسية عليهم وأثار حرق بالسجائر. الموقع التالي به المزيد من الصور ، بالإضافة إلي صور العاملين في الملجأ ، الوحوش الأدمية. ركز معي في الصورة رقم أربعة عشر التي تظهر فيها إحدي العاملات تبتسم للكاميرا وخلفها مأساة. تظهر العاملة كما لو كان كل شيء طبيعي.


لا يستطيعون الكلام ، لا يستطيعون حتي أن يستعطفوا قساة القلوب ، لا يستطيعون إلا الصراخ والبكاء والعويل.‫

إقتحمت القوات الأمريكية ملجأ الرعب ... وجدوا الحال كما ترون ، هرب العاملون ، تجول الجنود ، وجدوا طفلا ملقي في أحد الأركان ، عاريا ، مغطي بفضلاته ، لا يتحرك. تحوم فوقه مئات الحشرات من ذباب وديدان وخلافه. حالته كانت من السوء إلي درجة أن لم يتمكن الجنود من معرفة إذا كان حيا أو ميتا إلا بعد تنظيفه مما كان غارقا فيه.

رفعه الجندي بحنان ، وإحتضنه ، فتح الطفل عيناه ، وإبتسم.‫


الخبر قديم ، يعلم الله ما هو حال هؤلاء الأطفال الأن ، يعلم الله كم طفلا أخر في العالم يعاني قسوة الإنسان .‫

هل هؤلاء بشر مثلنا؟ هل لهم أسر وأطفال؟ هل يخشون الخالق الجبار؟ هل يشعرون قرص الضمير؟

كيف فعلوها؟ ماذا كان يدور بخلدهم؟ كيف برروا لأنفسهم صرخات الأطفال؟

أغلقت جهاز الكمپيوتر ، إستقليت سيارتي من عملي وعدت إلي بيتي ، إحتضنت أطفالي ، ولم يزل ما رأيت يقض مضجعي ..‫


الاثنين، 19 أبريل 2010

حكم ظهور رأس المرأة وشعرها بقلم سامر الإسلامبولي

تقديم من سانب‫:

فكرت مؤخرا أن أكتب مقالا حول الحجاب ، ولكن ترددي سببه أن هناك الكثيرون من كتبوا حول هذا الموضوع ، ولم أظن أنني قد أضيف فيه شيئا لم يدرس قبلا. أذكر مما كتب مثلا هذا المقال الرائع المنقول من موقع "أهل القرأن" بقلم الأستاذ سامر الإسلامبولي (الذي أتمني أن لا يضايقه نشري لمقاله هنا). وهو مقال من النوع الثقيل - لذا لزم التنويه:
المصدر:
http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=926

المقال:

حكم ظهور رأس المرأة وشعرها
     وتفنيد رأي المخالفين
قال تعالى وقل للمؤمنات :
1 –  يغضضن من أبصارهن
 2 -  ويحفظن فروجهن
3 – ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها
4 – وليضربن بخمرهن على جيوبهن
5 – ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء
6 – ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون".النور 31
هذا النص الوحيد في تشريع حدود لباس المرأة وبيان أحكام ظهور زينتها بالنسبة للرجال .
والمدقق في النص لا يجد ذكر كلمة الرأس أو الشعر مستخدمة ، مما يؤكد ابتداءً انتفاء الدلالة القطعية على وجوب تغطية الرأس أو الشعر ، وإن عملية الاجتهاد في مسألة إخراج حكم وجوب تغطية الرأس أو الشعر من النص المذكور إنما هي نتيجة ظنية . وهذه النتيجة الظنية المختارة من جهة معينة لا تنفي احتمال صواب النتيجة الأخرى . فالدلالة الظنية للنص ملازمة له لا يرفعها عنه كثرة أقوال لرأي دون آخر ، ولا قدم أحدهما أو تطبيقه في التاريخ واشتهاره ، أو عدم وجود مخالف له في فترة زمنية طالت أو قصرت ، أو تطبيق المجتمع الأول الذي زامن نزول النص إلى غير ذلك من الأمور . فالحجة في النص القرآني بذاته وما يدل عليه.

 نقاش وتفنيد الآراء التي وصلت إلى وجوب تغطية المرأة لرأسها وشعرها .
1 – الرأي المشهور في التراث ذكر أن وجوب التغطية للرأس تم فهمه من جملة [ولايبدين زينتهن إلا ما ظهر منها] وجملة [وليضربن بخمرهن على جيوبهن] إضافة إلى فهم وتطبيق المجتمع الأول الذي زامن نزول النص القرآني . وتواتر هذا التطبيق تاريخياً في كل مجتمع إلى يومنا المعاصر
ولنناقش فهم ودلالة النص القرآني كوننا معنيين بالخطاب مثلنا مثل سائر الناس سابقاً ولنا فهمنا وتفاعلنا .
   النص ينهى المرأة عن إبداء زينتها متضمنا بخطابه الأمر بالتغطية لها واستثنى من الزينة زينة ظهرت من الأولى سكت الشارع عن وجوب تغطيتها وأخرجها من دائرة الوجوب إلى دائرة المباح ، ومن المعلوم أن الشيء المباح لا يجب فعله وإنما يأخذ حكم التخيير ما بين فعله وتركه وذلك راجع لتقدير الفاعل حسب مصلحته إلاَّ إذا كان من الشؤون العامة المتعلقة بالمجتمع فيخضع هذا الإنسان في ممارسة المباح لأمر القانون منعاً أو سماحاً إو إلزاماً وهو نظام وضعي لا قداسة له قابل للتغيير مع تغير الظروف والمناسبات .
فقالوا : إن الزينة قسمان : قسم أمر الشارع بتغطيته وأطلقوا عليه اسم الزينة المخفية . وقسم آخر سمح الشارع بإظهاره وأطلقوا عليه اسم الزينة الظاهرة وذهبوا إلى تحديد دلالة كلمة الزينة إلى مكانية وهي القسم المخفي من الزينة ، والشيئية وهي مواضع الزينة الظاهرة للعيان فأعطوا الزينة الأولى المخفية حكم وجوب التغطية ، وأعطوا الزينة الظاهرة حكم إباحة الظهور .
وقاموا بتحديد مواضع الزينة الظاهرة من خلال زينة المرأة العربية التي زامنت نزول النص فرأوا أنها : كحل العينين ، وحلقة الأنف ، وقرطي الأذنين ، وموضع القلادة من النحر ، والخواتم والأساور، فوصلوا من ذلك إلى أن هذه المواضع التي هي الوجه والكفين هي المقصودة بالزينة الظاهرة المسموح بعدم تغطيتها .
وقالوا : إن الزينة المخفية هي ما سوى ذلك من مواضع الزينة في جسم المرأة نحو الخلخال وما تضعه المرأة على عضدها وصدرها وما شابه ذلك فيجب تغطيتها وعدم ظهورها .
وبما أن النص القرآني خطاب لكل الناس وصالح لكل زمان ومكان ومضمون حركته إنساني وعالمي يسقط الاستدلال بتطبيق المرأة العربية وتقييد دلالة النص بزينتها ولا بد من تفعيل النص والتعامل معه بصورة مباشرة [يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً]الأعراف 158 .
-  إن المرأة كلها زينة عدا (الفرج) الذي سبق الأمر بتغطيته في قوله تعالى : [ويحفظن فروجهن] ويكون الحفظ ابتداء من الستر والتغطية مروراً بالطهارة المادية والصحية وانتهاء بالإحصان وذلك لأن النص متعلق بمسألة اللباس ، بخلاف النص الآخر الذي هو [والذين هم لفروجهم حافظون] فالحفظ يبدأ من الإحصان وينتهي بالستر والتغطية وفعل (ظهر) في النص غير راجع للآخرين (للعيان) وإنما راجع للزينة ذاتها فهي زينة ظاهرة من زينة أصل لها [ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها]
وإرجاع فعل (ظهر) للعيان باطل في واقع الحال لأن المرأة كلها ظاهرة للعيان وإذا كان الأمر كذلك تناقض أول النص مع آخره لأن النتيجة سوف تكون أن المرأة لا تغطي شيئاً من زينتها لظهورها كلها للعيان !! . ولو كان المعنى ما ذكروه لأتى النص بصيغة [ما ظهر لكم] ولم يأت بصيغة [ما ظهر منها]
كما أن مفهوم مواضع الزينة للمرأة متحرك ومتغير من مجتمع إلى آخر ، ومن زمن إلى آخر حسب الثقافات والتطور المعرفي . فما يكون موضعاً للزينة عند مجتمع لا يكون زينة عند مجتمع آخر وهكذا يختلف تحديد مواضع الزينة في المجتمعات الإنسانية . مما يدل على بطلان مفهوم الزينة التراثي لعدم المقدرة على تحديدها ، ولذلك طالب أصحاب هذا الرأي بتقييد فهم النص القرآني بفهم السلف ليتخلصوا من حركة محتوى النص وبهذا المطلب قاموا بإغلاق العقل وجعلوا النص القرآني قومي مرتبط بثقافة العرب في زمان ومكان محدد ، وأساءوا لإنسانية النص القرآني وعالميته فكانوا من الأسباب الرئيسة لانحطاط وتخلف المسلمين عن ركب النهضة والحضارة . أما جملة [وليضربن بخمرهن على جيوبهن] فقد قالوا : إن الخمار غطاء للرأس مستدلين عليه بأبيات شعر وغيره نحو :
[قل للمليحة بالخمار الأسود ... ماذا فعلت بعابد متنسك]
 وفاتهم أن استخدام دلالة الكلمة على احتمال واحد وصورة لها في الواقع لا ينفي صحة الاحتمالات والصور الأخرى لدلالة الكلمة . فالخمار غطاء بغض النظر عن مكان التغطية سواء أكان الرأس أم الجسم أم أشياء أخرى والنص لم يستخدم فعل الأمر بالتغطية أو الستر وإنما أتى بفعل الضرب الذي يدل على إيقاع شيء على شيء يترك فيه أثراً. نحو ضرب الأمثال, وضرب الرقاب وما شابه ذلك, كما أن النص لم يستخدم كلمة (الرأس) وإنما استخدم كلمة (الجيوب) التي هي جمع  (جيب) وتدل على الفتحة بين شيئين . والجيب في الثياب معروف ومن هذا الوجه ذكروا أن الجيوب هي فتحة الثياب من جهة العنق ، وهذا الجيب أحد الصور والاحتمالات في الثياب . انظر إلى قوله تعالى خطاباً لموسى :
[وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء]النمل 12
فدلالة كلمة (جيوبهن) هي فتحات في ثياب المرأة , أمر الشارع وشدد على عملية الضرب عليها عندما تضرب المرأة في الأرض سعياً ونشاطاً , أي عندما تريد أن تخرج إلى الحياة العامة يجب عليها التأكد من إغلاق وإحكام هذه الفتحات حتى لا يظهر من خلالها للناس ما أمر الشارع بتغطيته في الأمر السابق . بصيغة النهي عن الإبداء [ولا يبدين زينتهن...] .
فأين دلالة وجوب تغطية الرأس أو الشعر في هذه الجملة [وليضربن بخمرهن على جيوبهن] ؟! إلاّ إذا عدّوا أن الرأس هو جيب ! ! وعلى افتراضهم ذلك لا يصح هذا الاستدلال لتصادمه مع الأمر الذي قبله إذ أتى بصيغة الحصر [لا يبدين .... إلا ما ظهر ... ] والحصر يفيد الإغلاق على ما بعده ولا يسمح بإدخال أحد في المضمون من نص آخر . فما أعطاه الشارع حكم الإباحة بصيغة الحصر لا يمكن أن يأتي نص آخر ويعطيه حكم الوجوب أو التحريم, غير أن الأمر بالضرب بالخمار على الجيوب لا يعني التغطية لغة أو منطقا رغم حصول ذلك حالاً كنتيجة لعملية الضرب, ولكن دون قصد لذلك , والمقصود من الضرب على الجيوب هو الحفظ لما بداخلها وليس لما يخرج منها !!
ولمساعدة القارئ (رجلاً أو امرأة) على فهم جملة [ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها] نعرض عليه معرفة فاعل (ظهر) في الجملة أين هو في واقع الحال ؟
من باب(أن لا بد لكل فعل من فاعل ضرورة) .
-     هل فاعل ظهر هو (المؤمنات) في أول النص ؟

والجواب قطعاً بالنفي . ولو كان الفاعل هو المؤمنات لأتى النص بصيغة (ما أظهرن).
-     هل فاعل ظهر هو الزينة ذاتها الأولى ؟
والجواب قطعاً بالنفي . ولو كان الأمر كذلك لأتى فعل (ظهر) بصيغة المضارع (تَظهر).
-  ذكر بعض النحاة أن فاعل (ظهر) هو (ما) التي بمعنى الذي (اسم موصول) لتصير الصياغة [إلا الذي ظهر منها] .
ويبقى السؤال مطروحا للنقا ش والحوار أين فاعل (ظهر) على أرض الواقع ؟ لأن معرفة فاعل (ظهر) أحد مفاتيح الدخول لفهم النص .
2- الرأي الثاني وهو رأي حديث من حيث الوجود وردة  فعل على قصور رأي التراث ،  فحاول أصحابه ترميم الثغرات من خلال تحديد فاعل (ظهر) فقالوا : إن فاعل ظهر في الحقيقة يرجع إلى عملية خلق المرأة أصلاً وبالتالي يكون الفاعل هو الله عز وجل . ويصير النص بصيغة [إلا ما ظهر منها خلقاً] . وقاموا بإسقاط ذلك على واقع المرأة فوصلوا إلى أن المرأة كلها زينة من رأسها إلى أخمص قدميها ويجب أن تغطي كامل زينتها ولا تظهر منها شيئاً أبداً حتى الوجه والكفين !! وقالوا : أما جملة [ما ظهر منها] فهذا راجع إلى الظهور خلقاً الذي هو طول وعرض المرأة وحجمها فهذا ما سمح الشارع بتركه دون تغطية !! .
-  ورغم أن أصحاب هذا الرأي قد أصابوا في تحديد فاعل (ظهر) الذي هو الله عز وجل إلا أنهم وقعوا في مغالطة أكبر من مغالطة السلف عندما عدّوا أن الزينة الظاهرة هي أبعاد المرأة وحجمها وفاتهم أن الشرع الرباني لا يتعلق خطابه إلا بأمر ممكن التطبيق ولذلك تم استثناءه من الأمر بالتغطية مع إمكانية المرأة بتغطيته ، بخلاف الرأي المذكور  فإن أبعاد المرأة وحجمها ليس بمحل تكليف لانتفاء إمكانية المرأة من تغطية ذلك إلا إذا صارت تتجول ضمن سور من الغطاء يحيط بها من كل الجوانب ليسترها من أعين الناظرين . وهذا تشريع بما لا يطاق بل لا يستطاع بل هو عبث وهزل وأشبه بمن يبحث عن حكم فعل الأكل في القرآن فهذه الأمور هي تحصيل حاصل لا يتناولها الشارع في خطابه لأنها ليست بمحل تكليف أو حساب!.
3 – الرأي الثالث أحدث ولادة من غيره وهو أيضاً ردة فعل لقصور ما سبق من الآراء، وحاول أصحابه ترميم وسد الثغرات في الرأي السابق فقالوا : إن فاعل (ظهر) تُرِكَ غير معلوم لعدم تحديده في الواقع بفاعل معين ، وذلك لكثرة الفاعلين وتغيرهم حسب الظروف فجملة [ولا يبدين زينتهن] أفادت تغطية المرأة كلها من رأسها إلى أخمص قدميها . أما جملة [إلا ما ظهر منها] فتدل على عفو الشارع عن ما ينكشف من زينة المرأة رغما عنها مثل تحريك الهواء لملابسها أو أثناء ممارستها لأي عمل ترتب عليه ظهور بعض زينتها من غير قصد منها . وهذا ما قصدوه بعدم تحديد فاعل (ظهر) في النص حتى يغطي كل فاعل مستجد في حياة المرأة .
   إن الرد على هذا الرأي هو الرد السابق ذاته ، فالشرع الرباني خطابه متعلق بالإمكان والمقدرة والإرادة ، ورتب على ذلك المسؤولية والحساب ، فإذا انتفت الإرادة انتفت المسؤولية والمحاسبة شرعاً إلا إذا تعلق الفعل بحقوق الناس فيجب التعويض لهم مع عدم تجريم الفاعل . لذا لا يصح أن تأخذ جملة [إلا ما ظهر منها] هذا المفهوم القهري واللاإرادي لأن العفو والصفح عن ذلك لا يحتاج إلى نص تشريعي لأنه تحصيل حاصل وهذا الأمر متعلق بالأمور الشخصية والجزئية أما إذا تعلق بأمر كلي مصيري فالشارع تناوله بالتشريع لأهميته وعدم قدرة الناس على تحديد المقصد منه واضطرابهم في السلوك نحو فتح حكم تحريم تناول لحم الميتة عند الضرورة . لذا من الغلط الاستدلال بهذا الموضوع وقياس حكم ظهور الزينةاللاإرادي عليه . ومن الأمور التي تدل على بطلان هذا الرأي هو مجيء فعل (ظهر) بصيغة الماضي مما يدل على حدوث فعل الظهور وانتهاءه . ولو كان المقصد بجملة [إلا ما ظهر منها] ما ذكروه من فاعلين ُكثر مستجدين لوجب أن يأتي فعل (ظهر) بصيغة المضارع المبني للمجهول ويصير [إلا ما يُظْهَرُ منها].
4 – اعتمد أصحاب هذا الرأي على مقاصد التشريع فقالوا :
   إن مقصد الشارع من التغطية للمرأة هو حفظ أخلاق المجتمع وقيمه وكشف رأس المرأة وشعرها يتنافى مع هذا المقصد لذا يجب تغطيته خشية الفتنة وبناء على ذلك نتساءل ما حكم ظهور رأس المرأة الصلعاء ؟ وما حكم ظهور رأس ووجه المرأة العجوز أو التي على غير حسن وجمال ؟! وهذا الرأي ينطبق عليه مقولة كلمة حق أريد بها باطل لأن مقصد الشارع من وجوب تغطية المرأة لزينتها في النص التشريعي بلا شك هو لحمايتها من الأذى الاجتماعي ، ولحماية أخلاق المجتمع وقيمه ولكن هذا لا يعطي سلطة لأحد من أن يشرع للناس ما لم يأذن الله به ،

فالحرام والحلال والواجب ما أتى في التشريع الرباني [إن الحكم إلا لله]الأنعام 57 وأعطى الشارع صلاحية للمجتمع أن يشرع تنظيم ممارسة دائرة المباح منعاً أو سماحاً أو إلزاماً حسب ما تقتضي المصلحة العامة  [لتحكم بين الناس بما أراك الله]النساء 105 ومسألة تغطية الرأس والشعر من المسائل التي سكت الشارع عنها كما بينت آنفاً ، وإذا كان الأمر كذلك فعلماء الأصول قالوا: [لا تكليف إلا بشرع] [والأصل في الأشياء (والأفعال) الإباحة إلا النص]. والله عز وجل عليم بما يشرع للناس [ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير]الملك 14 [وما كان ربك نسيا]مريم 64.

فمفهوم المقاصد يدور مع النصوص الشرعية ضمن علاقة جدلية وإلا صار مفهوم المقاصد باب لوضع تشريع لا نهاية له ويختلف من مجتمع إلى آخر في الزمن الواحد ، ويصير الدين ألعوبة بيد رجال الدين يحرمون ويحللون حسب ما يرون من مقاصد .
   فالحذر الحذر من التلاعب بالمفاهيم والخلط بينها ، والكف عن التشريع للناس مالم يشرعه الله عز وجل .
   وخلاصة النقاش كما بيّنا آنفاً هي  لا وجود لدلالة قطعية على وجوب تغطية الرأس أو الشعر في النص القرآني ، وعلى أضعف احتمال إنّ من يقول بوجوب التغطية لرأس المرأة وشعرها لا يملك برهاناً على ذلك ، وكون الأمر كما ذكرت فيجب على أصحاب رأي التغطية أن يقبلوا برأي عدم التغطية كرأي له دليله ومنطقه ويتعاملوا معه كرأي إسلامي ظني ويحترموه مثل الآراء السابقة وليس لهم إلا النقاش ورد الفكرة بالفكرة والدليل بالدليل .

     وترك الناس أحراراً في اختيارهم لما يرون أنه صواب  أو محقق لمصالحهم .

                       [قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين]البقرة111

الأحد، 11 أبريل 2010

نصرة المسجد الأقصي

بسم الله الرحمن الرحيم

مما لا شك فيه أن المسجد الأقصي يحتل مكانة رفيعة في قلوب جميع المسلمين لأنه أول القبلتين وثالث الحرمين ومسري الرسول عليه الصلاة والسلام‫.‫ وقد إرتفعت في أيامنا الدعوة إلي الدفاع عنه ونصرته أمام إعتداءات المتطرفين اليهود المتكررة ‫، بالإضافة إلي الحفر أسفله بحثا عن أثار هيكل سليمان المفترض وجودها في نفس الموقع‫.‫ ويدعو الكثيرون بالشهادة ذودا عنه أمام الإعتداءات الغاشمة ‫، ويتداولون علي الإنترنت صور عديدة بغرض حفز الهمم وإثارة المشاعر دفاعا عنه‫ منها مثلا‫:



مما لا شك فيه أن قدسية المسجد الأقصي لها عندنا كمسلمين ما يبررها فهو الذي ورد ذكره في القرأن الكريم في سورة الإسراء‫:

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ

لم يكن المسجد الأقصي معروفا بهذا الإسم حتي نزول هذه الأية ‫، قبل ذلك كان العرب يعرفونه بإسمه الأخر وهو ‫"‫بيت المقدس‫"‫‫.‫ وقد فهم المسلمون الأوائل أن المسجد الأقصي هو نفسه بيت المقدس لإرتباط ذلك بمعجزة الإسراء والمعراج التي وردت في السنة النبوية الشريفة‫.‫ فمن ذلك قوله صلي الله عليه وسلم في مسند أحمد‫:


أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، فَرَكِبْتُهُ فَسَارَ بِي حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ فِيهَا الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ دَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ قَالَ جِبْرِيلُ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ ‫.‫‫.‫‫.‫

إلي أخر الحديث‫.‫ صحيح أن هناك من قال أن المسجد الأقصي في الأية الكريمة ليس بيت المقدس ولكن هذا رأيا ضعيفا حيث أن تواتر المرويات يؤكد العكس‫.‫

وقد روي عن الرسول صلي الله علي وسلم أحاديث عديدة في فضل المسجد الأقصي منها‫:

‫"‫منْ أَهَلَّ بِحَجَّة أوْ عُمْرَة من المسجد الأقصى إِلى المسجد الحرام غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر‫"‫
‫"‫الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة‫"‫
روى أحمد في مسنده عن ذِي الأصَأبِعِ قَال: ‫"‫قلت يا رسول الله، إِنِ أبْتُلِينَا بعدك بالبقاء أين تأمرنا؟ قال: عليك ببيت المقدس فلعله أن ينشأ لك ذرية يعدون إلى ذلك المسجد ويروحون‫"‫
‫"‫ لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا (المسجد النبوي)، ومسجد الأقصى‫"‫

وغيرها‫.‫ ومن هنا إتخذ المسجد الأقصي قدسية عند المسلمين لا يجاوزه فيها غير المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي في المدينة‫.‫

ولكن ‫.‫‫.‫‫‫.‫

هل البناء المسمي بالمسجد الأقصي الموجود اليوم هو المقصود به في القرأن والسنة‫؟ من المؤكد أن الإجابة هي لا‫.‫ لأن المسجد الأقصي الموجود اليوم هو مبني إسلامي بدأه الخليفة الرشيد عمر بن الخطاب وأتمه في صورته الحالية الملوك الأمويون‫.‫ إذا المسجد الحالي ليس هو ما رأه الرسول ليلة الإسراء وليس هو ‫، بناءاً ‫، المقصود به بالأحاديث المذكورة ‫، إن صحت‫.‫

إذا ما هو ‫"‫المسجد الأقصي‫"‫ الذي أسري إليه الرسول‫؟ الإجابة علي هذا السؤال أصعب مما يتخيل المرء فليس هناك من الأخبار المؤكدة ما يوضح لنا ماذا كان بالضبط موجودا في هذه البقعة‫.‫ هل كان هناك بناءاً‫ أقدم من المسجد الحالي؟ إن كان هذا صحيحا فلابد أن الخليفة عمر قد هدم هذا البناء الأقدم ليبدأ في بناء المسجد الحالي ‫، وهذا مستبعد بالطبع ‫، فمن غير المعقول أن يهدم عمراً البناء الذي زاره الرسول وصلي فيه بالأنبياء جميعا‫.‫ إذا الأرجح هنا هو أن المكان كان قطعة أرض خالية وهي ما زار الرسول ليلتها‫.‫


فالمسجد الأقصي الذي بارك الله ‫"‫حوله‫"‫ هو الموقع نفسه بغض النظر عن أي بناء فيه‫.‫ وقد تكرر في المرويات الإسلامية أن المسجد الأقصي ‫، بناءاً ‫، له تاريخ قديم جدا‫.‫ فليتدبر القاريء مثلا هذا الحديث الشريف‫:

عن أبي ذر الغفاري قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال:" المسجد الحرام"، قال: قلت ثم أي؟ قال:"المسجد الأقصى"، قلت: كم كان بينهما؟ قال:"أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة فصله، فان الفضل فيه ."رواه البخاري

وقد قال بعض العلماء أن المقصود هنا هو عصر سيدنا إبراهيم عليه السلام ‫، لأن القرأن ينبئنا أن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام هما من رفعا قواعد البيت‫.‫ وورد في سنن إبن ماجة الحديث

لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَأوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ

الذي يوضح أن سيدنا سليمان هو من بني المسجد الأقصي ، وفي هذا إشكال لأن بين إبراهيم عليه السلام الذي رفع قواعد البيت الحرام وبين سليمان عليه السلام ألف عام. وأجاب ابن الجوزي والقرطبي عن هذا الإشكال، وارتضاه الحافظ ابن حجر في فتح الباري بأن إبراهيم وسليمان عليهما السلام جدَّدا بناءهما لا أنهما أول من بنى المسجدين ‫، وقد إتفق علي هذا العلماء لأن هناك ما يشير أن الكعبه أقدم من سيدنا إبراهيم‫.‫ وعليه فإن المسجدالأقصى لا يُدرى من بناه‫ أول مرة.‫

بغض النظر عن صحة هذه الأحاديث والروايات فمن المتعارف عليه أن هذه البقعة تحديدا قد توالت عليها الأبنية ‫، وكل هذه الأبنية سماها المفسرون ‫"‫المسجد الأقصي‫"‫‫.‫ والأرجح أنه لم يكن هناك أي بناء في هذه البقعة ليلة الإسراء ‫، و إن صح أن كان هناك بناءاً زاره الرسول ليلتها فهو بناء أوجده الله خصيصا لهذه الليلة ولم يعد له وجود‫.‫ كل ذلك مختلف عليه ولكن المؤكد أن المسجد الأقصي الحالي ‫، البناء وليس البقعة ‫، ليس هو المقصود بأي من الأحاديث أو بالأية الكريمة‫.‫

أنا أتساءل الأن‫: ماهو حجم الخسارة إذا تحققت المخاوف وإنهار البناء الحالي المسمي بالمسجد الأقصي‫؟

أقول‫: بالقطع تكون خسارة كبيرة ‫، فالمسجد الأقصي الحالي ‫(‫البناء‫)‫ مسجدا أثريا من الطراز الأول ولا يقل في أهميته عن مسجد أحمد بن طولون في القاهرة أو الجامع الأموي في دمشق ‫، بل يزيد لقدمه وثراء تاريخه‫.‫ ولكن يا أيها المسلمون ‫، يا من تَدْعُون للشهادة في سبيل المسجد الأقصي ‫، هل كنتم لتدعون للشهادة دفاعا عن الجامع الأموي أو مسجد أحمد بن طولون‫؟ هل كنتم لتتركون أسركم وأهليكم للدفاع عن أي مسجد تاريخي أخر‫؟ الخسارة في إنهيار المسجد الأقصي لهي خسارة تاريخية عظيمة ويجب أن تمنع هذه الكارثة ‫، ولكنها لن تقل في خسارتها التاريخية عن تدمير تماثيل بوذا في أفغانستان التي فجرها الطالبان بحجة مخالفتها للشرع ‫، والشرع الإسلامي الصحيح براء من هذه الجريمة النكراء‫.‫ لم نسمع وقتها بأن أحد البوذيين قد طالب بالشهادة أو القتال دفاعا عن تماثيلهم المقدسة‫.‫

في النهاية أحب أن أوضح أنني لا أقلل من أهمية القضية الفسطينية ‫، ولا أنكر جرائم العدوان الصهيوني الغاشم علي أرض فلسطين وشعبها المناضل ‫، ولكن يجب أن نضع النقاط فوق الحروف‫ ونقرر أن الشهادة دفاعا عن الأرض وعن العرض شيء والموت من أجل بناء حجري بناه الأمويون شيئا أخر‫.‫ ولم أكن لأضيف هذه النقطة هنا لولا علمي أن هناك من سيقول أني أدافع عن العدوان الصهيوني أو أقلل من جرائمه

يا مسلمون!‏ دافعوا عن بلادكم وأوطانكم ‫، إستشهدوا في سبيل أهلكم وأخوتكم‫.‫ الدعوة للموت من أجل المسجد الأقصي ليست إلا محاولة لصرف إنتباهكم عن قضايا الأمة الحقيقية

أفيقوا قبل فوات الأوان

الخميس، 8 أبريل 2010

سن الزواج في الإسلام


باديء ذي بدء يجب أن نقر ونعترف أنه لايوجد حد أدني لسن للزواج في الإسلام‫.‫ من الأخر‫.‫ بمعني أن زواج الفتاة القاصر الغير بالغ في الإسلام شرعي وحلال بين ‫، لقوله تعالي‫ في سورة الطلاق:

 والائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن

الأية واضحة وصريحة في تقرير عدة الفتاة التي لم تحض بعد ‫، أي الطفلة غير البالغ ‫، علي إطلاق المعني‫.‫ يتخذ الكثير من الناس هذا الموضوع كشبهة ضد الإسلام‫: ‫"‫بصوا ‫، شوفوا ‫، الإسلام يقر زواج الطفلة من العجوز ‫، هذا إغتصاب ‫، هذا پيدوفيليا ‫، هذا هو الإسلام‫"‫!‏!‏!‏

ولكن ‫.‫‫.‫‫.‫

هناك من المواضيع الحياتية ما تطرق إليه القران تفصيلا ‫، مثال ذلك شروط الميراث ‫، وهناك أيضا من المواضيع ‫، مثل سن الزواج والرق ‫، مالم يتعرض له بالتحديد أو بالمنع‫.‫ والسبب واضح‫: أن المشرع الأعظم يترك لنا حق تقرير هذه المواضيع بما يتفق مع ظروف الحياة والمجتمعات‫.‫ من المؤكد أن مفاهيم الصواب والخطأ تتغير وتختلف من مجتمع إلي أخر ومن عصر إلي أخر‫.‫ مثلا الرق ‫، كان مقبولا ‫، بل وأساسيا ‫، في معظم المجتمعات ولم ينتهي تماما من عالمنا ‫(‫علي الأقل الرق المقنن‫)‫ حتي السبعينات من القرن الماضي!‏!‏ لو كتب لملاك العبيد في العصور الماضية أن يعودوا إلي الحياة لتم القبض عليهم في أي دولة من دول العالم اليوم ‫، مع أنهم ‫، في عصرهم ‫، كانوا من خيار الناس وعلية القوم‫.‫ الإسلام لم يحرم الرق ‫، ذلك أكيد ‫، ومايقال أن الإسلام وضع أسس تحرير الرقاب بطريقة تسمح للرق أن ينتهي تلقائيا غير صحيح لسبب بسيط ‫، وهو ان الرق في الدول الإسلامية إستمر أربعة عشر قرنا ولم ينتهي حتي قريبا!‏!‏

كذلك سن الزواج ‫، لايوجد فيه الصواب المطلق أو الخطأ المطلق‫.‫ كل مجتمع يضع لنفسه سن الزواج الملائم له ولا دخل للتشريع الإلهي فيه‫.‫ هل معني ذلك أن زواج رجلا خمسينيا مثلا من طفلة دون البلوغ مقبول‫ شرعا؟ الإجابة هي نعم وألف نعم‫.‫ هل هو مقبول مجتمعيا وعلميا ونفسيا و و ‫؟ الإجابة لا‫.‫ ومن هنا من حق ولي الأمر ‫، في صورة القانون الوضعي ‫، أن يمنع هذه الجريمة ‫، بموافقة ومباركة الدين ‫، عملا بالأية‫ الكريمة‫:

يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم

والحديث الشريف ‫(‫لاضرر ولا ضرار‫)‫ ‫، وغيرهما من عشرات الأيات والأحاديث التي تأمرنا بالعدل وعدم الظلم‫.‫ فإذا كنا نري اليوم أن زيجة مثل هذه فيها ما فيها من الظلم علي الفتاة ‫، فإن من حقنا ‫، بمباركة الله سبحانه وتعالي ‫، أن نمنعها ‫‫، شرعا وقانونا‫.‫ تماما كما نمنع الرق بالرغم أن الله لم يحرمه‫.‫

الأحد، 4 أبريل 2010

حول موضوع شهادة المرأة في الإسلام

هذا الموضوع منقول بإذن من صاحبه الذي طلب عدم ذكر إسمه
______________________________________________



بسم الله الرحمن الرحيم

باديء ذي بدء أنا كمسلم أعتبر القرأن هو مصدري الرئيسي للتشريع الإسلامي. وبالتالي من الضروري الرجوع إلي القرأن لحسم أي موضوع. في ما يختص بموضوع شهادة المرأة في الإسلام لاحظت أن معظم القائلين بالرأي السائد أن شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل لا يذكر أية شهادة المرأة كاملة من أولها. قيل أن أية الشهادة هي:

وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى

إقتطاع الأيات القرأنية من سياقها أمر في منتهي الخطورة. حين يقرأ القاريء العادي الأية أعلاه يظن أولا أن كلمة الشهادة هنا المقصود بها الشهادة علي عمومها ، بما في ذلك الشهادة الجنائية مثلا حين يشهد بعض الناس جريمة من الجرائم وهكذا.‫ كما قد يظن أن المعني عام وغير مرتبط بأي ظروف أو شروط. ولكن قد يتضح خلاف ذلك إذا ذكرنا الأية بالكامل:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

إقرأوها معي واحدة واحدة:

الأية بالكامل خاصة بصكوك الدين محددة المدة. من الواضح أن هذه هي الحالة الوحيدة التي يوضح فيها الله أن الشهادة لرجلين أو لرجل وإمرأتين. إذا هي حالة خاصة تماما ولايجوز تعميم ذلك علي أي نوع أخر من أنواع الشهادة. فمقولة أن شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل هكذا علي عمومها مقولة لا أساس لها من القرأن. ولكن ماذا نفعل في قوم إتخذوا هذا القرأن مهجورا لايقرأوه ولا يفقهوه.

طيب السؤال الأن يصبح : حتي في حالة صك الدين ، لماذا شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل؟

يقول الله ما معناه إنه في حالة إستدانة شخص من أخر مبلغا من المال مستحقا في زمن لاحق يجب عليهم أن يدونوه علي ورق حتي لا ينسي أو يتناسي أحدهم مستقبلا. ثم يأمر أن يكتب الصك شخصا ثالثا وليس أحد الشخصين ويجب أن يكون هذا الشخص الثالث شخصا عادلا يثق فيه الدائن والمدين. السؤال الأول هنا لماذا يجب أن يكون الكاتب شخص ثالث؟ ولماذا يجب أن يكون عادلا؟ ألا يكفي ان يكتب أحد الإثنين الصك ويراجعه الأخر قبل أن يوقع عليه؟ ويتضح الكلام أكثر في قوله أن من عليه الحق يقوم بالإملاء علي الشخص الثالث. الإجابة هنا تتضح إذا تذكرنا أن هذه الأيات نزلت علي شعبا لا يقرأ ولا يكتب. فالغالب في جزيرة العرب في هذه الفترة هو الجهل بالكتابة ولذلك يأمر الله أن يكون كاتب الدين شخصا ثالثا ويملي عليه الكلام.

إذا ننطلق من هنا أن النص يوضح أسوأ حالة ممكنة وهي جهل الدائن والمدين. فماذا نفعل إذا كان الدائن والمدين رجلين يعرفان القراءة والكتابة؟ هل يجب عليهم أن يأتوا بشخص ثالث ليكتب صك الدين أم يقوم أحدهم بذلك ويراجع عليه الأخر؟ الإجابة أن الحكم يسقط بإنتفاء العلة. فإذا كانت العلة لحكم إستحضار الشخص الثالث هي جهل الدائن والمدين فإن هذا الحكم يسقط في حالة إنتفاء الجهل عنهم.

الشق التالي من الأية يقول ما معناه: فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لايستطيع أن يمل فيقوم بالإملاء وليه ، بمعني من ينوب عنه ، وإستشهدوا ...
السؤال الأن يتعلق بحرف الواو في كلمة وإستشهدوا. هل هذه الواو تعود علي ماسبقها؟ بمعني هل يطلب الشهود فقط في حالة أن يكون الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لايستطيع أن يمل وذلك بالإضافة إلي الولي؟ وإن لم يكن الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لايستطيع أن يمل فلا ضرورة للولي ولا ضرورة للشهود. أم أن هذه الواو تعود علي ما سبق ذلك؟ في ظني أنها الأولي وان إستدعاء الشهود مرتبط بسفه أو ضعف الذي عليه الحق حفاظا للحق.

أري ذلك نظرا لتسلسل الكلام:
إذا تداينتم ... فإكتبوه ...
وليكتب .... ولا يأب ... وليملل ...
كلهم مرتبطين بكتابة الدين ، وهو الشق الأول.

ولكن

فإن كان ... فليملل ... وإستشهدوا ...
مرتبطين ببعضهم البعض وهي حالة سفه أو ضعف الذي عليه الحق.

ثم يأمر الله أن يكون الشهود رجلين أو رجل وإمرأتان . لماذا؟ نرجع إلي علة كتابة الدين الأساسية وهي جهل الدائن والمدين. إذا كان الرجال من الجهل بحيث لايستطيعون حتي كتابة صكا فما هو حال النساء؟ كيف كان حال النساء في عهد التنزيل؟ الإجابة : هو أسوأ حال ممكن تصوره من جهل وتخلف. إذا العلة في حكم الرجل والمرأتين هي جهل المرأة ، إذا إنتفت العلة إنتفي الحكم. فإذا تحققت نفس الظروف اليوم ولكن برجال ونساء متعلمين يجيدون القراءة والكتابة إنتفت العلة ولم يكن هناك داعي حتي للشهود طبقا لعلة الشق الأول من الأية.

أضف إلي ذلك تطور الحضارات. اليوم حينما يستدين شخصا من الأخر بإمكانهم تسجيل هذا الدين قانونيا وبالتالي فإن ما عرضناه من نص الأية بالكامل سقط حكمه بإنتفاء علته.

سقوط الحكم لإنتفاء العلة هي قاعدة فقهية منطقية ، أتصور أن أول من طبقها هو الصحابي الجليل عمر بن الخطاب وقد طبقها في موضعيين: الأول إلغائه لسهم المؤلفة قلوبهم ، والثاني هو تعطيله حد السرقة في عام المجاعة.

والله أعلم
ملحق‫ 1:


بعد نشر المقال أعلاه تفضل أحد قرائنا وأضاف النقاط التالية‫:

هنا استكمال الطرح

صديقك تحدث عن اية واحدة لكن الشهود في الاسلام هم 4 شهود عدل في الجرائم
وَالَّلاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً، وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
واضح تحديد الشهود بأربعة ولا يوجد اي ذكر لان كانوا رجال ام نساء

ارجو ايضا مراجعة سورة النور، وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
هذه جريمة القذف وبالمثل في جرائم السرقة ، القتل الي اخره فهل اذا شهد جريمة القتل سيدات فقط فلن يتم الاعتراف بالجريمة !!!!! هل سوف يتم انتظار السادة الرجال لحضور جريمة شنعاء
هناك حالة اخري تعلو فيها شهادة السيدة علي شهادة الرجل : اليك الايات التالية من سورة النور

وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ

وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ

وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ

وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ

الزوج هنا اقر انه شاهد زوجته تخونه ولكن شهادتها تجب شهادته

حالات اخري

مرة اخري نأتي الي شهادة الاثنين
يا ايها الذين امنوا شهادة بينكم اذا حضر احدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم او اخران من غيركم ان انتم ضربتم في الارض فاصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله ان ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله انا اذا لمن الاثمين
هنا مطلوب شهادة اثنين سمعوا وصية من احد الاشخاص قبل ان يموت ، فهل اذا كان من حضر موت احد الاشخاص هو والدته واخته او زوجته وانته لا تقبل شهادتهم اذا كان موثوقا في صدقهم !!!!! من يكون عادة حاضر موت احد الاشخاص اليس الاقرب اليه، هل لو كانوا كلهم من النساء لن تقبل شهاتهم، اعتقد انه هذا ما لا يتفق مع القرآن كتاب الله 

ملحق 2‫:

أيضاً تفضل أحد القراء بالأتي‫:

هذه الآية تتحدث عن دين خاص، في وقت خاص، يحتاج إلى كاتب خاص، وإملاء خاص، وإشهاد خاص..
وهذه الآية –في نصها- استثناء [.. إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها]..
ثم إنها تستثنى من هذه الحالة الخاصة الإشهاد على البيوع، فلا نقيدها بما قيدت به حالة هذا الدين الخاص..
ثم إنها تتحدث، مخاطبة، لصاحب الدين، الذي يريد أن يستوثق لدينه الخاص هذا بأعلى درجات الاستيثاق.. ولا تخاطب الحاكم –القاضي- الذي له أن يحكم بالبينة واليمين، بصرف النظر عن جنس الشاهد وعدد الشهود الذين تقوم بهم البينة.. فللحاكم –القاضي- أن يحكم بشهادة رجلين.. أو امرأتين –أو رجل وامرأة.. أو رجل واحد.. أو امرأة واحدة.. طالما قامت البينة بهذه الشهادة..
ومن يرد الاستزادة من الفقه الإسلامي في هذه القضية –التي يجهلها الكثيرون- فعليه أن يرجع إلى آراء شيخ الإسلام ابن تيمية [661-728هـ 1263-1328م] وتلميذه الإمام ابن قيم الجوزية [691-751هـ 1262-1350م] في كتابه [الطرق الحكمية في السياسة الشرعية] ص 103، 104 طبعة القاهرة سنة 1977م.ز ففيه –وفق نص ابن تيمية- وأن ما جاء عن شهادة المرأة في آية سورة البقرة، ليس حصرًا لطرق الشهادة "وطرق الحكم التي يحكم بها الحاكم، وإنما ذكر لنوعين من البينات في الطرق التي يحفظ بها الإنسان حقه.. فالآية نصيحة لهم وتعليم وإرشاد لما يحفظون به حقوقهم، وما تحفظ به الحقوق شيء وما يحكم به الحاكم شيء، فإن طرق الحكم أوسع من الشاهدين والمرأتين..".

ولقد قال الإمام أحمد بن حنبل [164-241هـ 780-855م] إن شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين فيما هو أكثر خبرة فيه، وأن شهادة المرأة تعدل شهادة رجلين فيما هي أكثر خبرة فيه من الرجل.. )

السبت، 3 أبريل 2010

خواطر حول الحجاب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يخطيء من يظن أن الصراع السائد حول الحجاب أو النقاب في مصر يضم إتجاهين لا ثالث لهما: ألا وهما مناصرو الحجاب ومناهضوه. القاريء المدقق سيجد أن هذين الصنفان من الناس ينقسمان بدورهما لأصناف أخري متعددة. هناك مثلا من مناصري الحجاب من يفعل ذلك عن علم بكتاب الله وسنة رسوله الكريم ، حتي وإن إعتمد في ذلك ليس علي علمه الخاص بل علي الإنترنت ومحرك البحث جوجل. وهناك من مناصري الحجاب من لاعلم لهم في هذا الموضوع ، حتي ولو من خلال جوجل ، ولكنهم يفترضون أنه فريضة بناء علي ما قيل لهم من علماء وفقهاء هم يثقون بهم. وفي بعض الأحيان تكون هذه الثقة مرجعيتها ليس علم الفقيه ولكن ما يبدو للناس أنه من سمات هذا العلم ، ناسيين أو جاهلين أن ليس كل من أطلق لحيته وظهر في القنوات الفضائية عالما حقيقيا بما في هذه الكلمة من معاني.وهناك من مناهضي الحجاب من يفعل ذلك بناء علي خلفيته وتربيته في مجتمع قد يوصف بشيء من التحرر. وأخيرا ، وليس أخرا ، هناك من مناهضي الحجاب من يفعل ذلك من منطلق دراسة وعلم وإقتناع حقيقي بمعاني النصوص كما يرونها ، سواء كان ذلك عن دراسة شخصية أو عن تأثر بمفكر أو كاتب معين.
مما لا شك فيه أن موضوع الزي الإسلامي بصفة عامة ، سواء للمرأه (حجاب الوجه والكفين أو حجاب النقاب) أو للرجل (اللحية ، تقصير الجلباب) له من التأثيرات وأيضا المؤثرات الإجتماعية ما له ، قد يتأثر بها وقد يؤثر عليها. ومن أهم هذه المؤثرات إنتشار فكر التدين الظاهري حيث يتأثر الإنسان بالشكل الخارجي أكثر من غيره. أعني بذلك الفرضية الإجتماعية أن المحجبة ، أو الملتحي ، أكثر تدينا أو إتقاءا لله من غيرهم. من المؤكد أن هذا ليس بالضرورة صحيحا ، ولكني أقول هذا هو المنطلق الذي يذهب إليه الإنسان العادي ، ولا عجب في ذلك ، لأن الإنسان أول ما يتأثر ، يتأثر بالمظهر الخارجي ، وقد لا يتعداه أبدا. ولكن ، إذا وضعنا هذه النقطة جانبا فإن موضوع الحجاب دينيا بالأساس ، ويجب حين يناقش أن يناقش في إطار ديني ، من حيث فرضيته أو وجوبه في رسالة الإسلام. ولكن ، من المؤكد أيضا أن مناقشة موضوع الحجاب بالذات من المنطلق الفقهي شيء في غاية التعقيد. لأن أصول الحكم بفرضيه الحجاب بنيت بالأساس علي تسلسل فقهي طويل ، فالقرأن ، وحوله ما حوله من علوم التفسير ، تعضده السنة النبوية الشريفة وهي فيها ما فيها من علوم الحديث وخلافه ، يلي ذلك أراء الصحابة والتابعين والفقهاء القدامي ، ثم ينطلق الإجماع والقياس وينتهي إلي الوصول إلي المعلوم من الدين بالضرورة. أدلة فرضية الحجاب تنبثق من كل هذه الإتجاهات مجتمعة ومتشابكة ، ولذلك يجد مناهض الحجاب الغير مؤمن بفرضيته نفسه أمام مشكلة كبيرة: لا يكفي أن تشير أن الحجاب ليس في القرأن بناءا علي فهمك أنت ، لأن تفاسير القرأن تعتمد علي السنة وأراء الصحابة وإجماع العلماء ، ولايكفي أن تعتمد علي السنة فقط لأنها متداخلة ومتشابكة مع الباقي. إذا حتي يثبت مناهض الحجاب أن الحجاب ليس فرضا إلهيا فإن عليه الخوض ليس فقط في القرأن بكل علومه ولكن في مصادر التشريع الأخري السابق ذكرها ، ويجب عليه هنا أن يثبت أن كل هذه المصادر أخطأت في فهمها للنصوص. فعليه أن يثبت أن التفاسير كلها علي خطأ ، وعليه أن يثبت أن الأحاديث ضعيفة وغير ملزمة وأن الصحابه مخطئون وهكذا.لاشك أن هذه مهمة قد تكون شبه مستحيلة حتي وإن قام بها أحد العلماء المتفقهين في العلم ، وهناك بالفعل من يقوم بهذا. هناك من علماء الأزهر وهناك من المفكرين المستقلين من خاض ويخوض هذه المعركة.

ولكن هل طريق إثبات خطأ كل هذه المصادر هو الطريق الوحيد؟

أزعم أن الإجابة هي لا ، هناك طريقا أخرا.

لم يخطيء المفسرون القدامي ، ولم يخطيء الصحابة ، ولم يخطيء الأئمة. كلهم كانوا علي حق في ما وصلوا إليه من فهم للنصوص ، سواء في ما يتعلق بالحجاب أو بأي من المواضيع الفقهية الأخري علي عمومها. ولكن ينسي الناس أن الخطأ والصواب هو في الواقع مفهوم نسبي في كثير من الأحيان. الأمثلة ولاشك كثيرة: الرق مثلا ، حتي عصور قريبة كان الرق منتشرا في جميع أنحاء العالم وكان شيئا عاديا عند معظم الناس ، ولكن المفاهيم تتغير وتتطور ، ففكرة الرق اليوم يعتبرها معظم العالم المتحضر شرا مطلق وتجرمه جميع القوانين وتطارد الشرطة تجار الرقيق حيثما وجدوا. هل معني هذا أن أسلافنا كانوا مجرمين حين إمتلكوا أرقاء؟ الإجابة هي بالطبع لا ، كان ذلك هو مجتمعهم وكان الصواب والخطأ له فهما مختلفا. وتتطور الشعوب ويتطور معها مفهوم الصواب والخطأ. ماسماه أحد فلاسفة الإنجليز:
The changing Zeitgeist
أو ‫"‫مفاهيم العصر المتغيرة‫"‫. الأمثلة عديدة للغاية ولا يسعني حصرها.

حسنا ، ما علاقة ذلك بموضوعنا؟ العلاقة أتمني أن تتضح للقاريء. ما فهمه الصحابة والتابعين من معاني القرأن ليس بالضرورة صوابا مطلقا ، قد يكون ، أقول قد يكون نوعا من الصواب المتغير كما أوضحت ، وتتغير المفاهيم مع تغير العصور. نعم ، هناك من سيقول ولكن نص القرأن ثابت. أجل هو ثابت ولكن فهمه قد يتغير. وهناك من أمثلة في بعض الصحابة الكبار ما يؤكد وجهة النظر هذه. مثلا ثبت عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه أنه عطل العمل بنصين قرأنيين كاملين ، إجتهد علي الرغم من وجود نص ، لأنه فهم أن الدنيا قد تغيرت وأن فهم النص لابد أن يكون متغيرا أيضا. هل معني هذا أن الحجاب من المفاهيم المتغيرة؟ قد يكون وقد لا يكون. الأهم من ذلك أن نترك هذا الباب مفتوحا ، لأن الحجاب ليس فقط ما سيتأثر بهذا المفهوم ، بل قد يتأثر الدين بأكمله إذا سلمنا بهذه النظرة.

مجرد خواطر