الاثنين، 29 مارس 2010

خطبة الجمعة: انصر اخاك ظالما او مظلوما

تخيلت للحظة إنني خطيب الجمعة... وما كتبته من خلال تقمصي لدور شيخ تقدمي هو نقطة في بحر مما اود ان اقوله لمعشر المصليين المسلمين عن سلوكهم الديني المعوج بعيدا عن خرافات روايات الصحابة ولعن النصارى واليهود التي صموا بها آذان المصلين وحجبوا عقولهم في خطبهم الفارغة القيمة كل جمعة.
---------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء والمرسلين ، المبعوث رحمة للعالمين. أما بعد...
لقد جاء نبينا عليه الصلاة والسلام ليحطم الأصنام التي كان يعيش عليها اهل الجاهلية... اي اهل الظلام والتخلف. ولم تكن تلك الأصنام مادية او ملموسة بقدر كونها معنوية او محسوسة. فقد كانت الكثير من تلك الأصنام تكمن في اعراف وتقاليد العرب الظلامية الخبيثة والتي ذهبوا إلى تقديسها وتكريمها والمحافظة عليها ومحاربة رسولنا الكريم لأنه حاول إظهار الحق عليها.
كان من تلك الأصنام الأخلاقية التي يقدسها العرب، يا معشر المصليات والمصليين، صنم "القبلية" أو"العصبية". فكانت العصبية صفة محمودة لديهم تجعل الرجل منهم من اهل المروءة والنخوة. والعصبية هي ان تنصر افراد قبيلتك في حالة إن ظٌلِموا او ظَلَموا؛ اي تتعصب لأفراد قبيلتك او عائلتك بلغة اليوم بلا بصيرة وبلا تتدبر للحق والعدل.
وكان صنم القبلية من الأصنام التي بات المصطفى (ص) يحاربها بكرة وعشيا. وفي حديث صحيح اخرجه البخاري في صحيحه والإمام أحمد في مسنده والترمذي في سننه يقول حبيبنا رسول الله: انصر أخاك ظالما او مظلوما! فرد عليه احد الصحابة وسأله: وكيف ننصره ظالما؟ رد قائلا اسوتنا الحسنة: بأن تردوه عن ظلمه.
بأن تردوه عن ظلمه يا اخواتي ويا إخواني في الله كان رد نبينا العظيم، فياترى، هل هذه هي اخلاق المسلمين اليوم؟ بل ويقول الحق سبحانه وتعالى في آية 8 من سورة المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ. ويؤكد علينا الله الذي لا يرد عنده مظلوم في الآية 152 من سورة الأنعام: وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ .
يا معشر المسلمات والمسلمين، إن الله ورسوله شددوا على نبذ العصبية والقبلية لأن الحق اولى ان يتبع ولأن الحق سبحانه وتعالى يحب الحق ويقرب المتقين الذين لا يخشون في كلمة الحق لومة لائم او بطشة باطش. فأين نحن اليوم من تلك التعاليم السامية التي جاءت منذ اكثر من 1400 عام؟! تجد مثلا شعبيا يتناوله اهلنا المصريين بكل فخر يقولوا فيه: انا واخويا على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم! اعوذ بالله من الشيطان الرجيم! يتفاخرون بالعصبية والقبلية وللأسف لا يتفاخرون بها فقط بل ينفذونها على ارض الواقع.
تجد الحماة المحجبة او المنتقبة التي لا تترك صلاة إلا وأدتها وصياما إلا وصامته وحجا إلا وسعت فيه، ولكنها تجد المتعة واللذه في تكسير كلام ربها ورسولها بنصرة ابنها او ابنتها إن هم ظَلما شريكهما في الحياة لأنها، يا اخواتي ويا إخواني، جبلت على الظلم ولا تريد ان تجاهد نفسها وتظن ان حجابها وصلاتها كافية لتحميها إن هي تعدت على حدود الله ورسوله "الحقيقية" التي سنها للحفاظ على حقوق الناس.
تجد الرجل يظلم جاره او عابر سبيل حتى وإن علم ان اخوه هو من ظلم هذا الغريب ولكن مرؤته المزيفة ونخوته الخبيثة تحثه على قول الباطل والدفاع عن الظالم حتى يتبع الأمثال الشعبية ويتكبر ويتجبر على كلام الله العدل.
احذركم يا اهل الصلاة من النساء والرجال من التعدي على جوهر دين الله وتناسي حدوده في ظل تمسككم بمظاهر فارغة لا تسمن ولا تغني من جوع. إن جوهر الدين – هو اخلاقه – هو اصل الرقي والرخاء، من تناساها قبع في ذيل التخلف والظلام ومن رفع من شأنها سبق ركب الحضارة إلى الأمام. هل لكم ان تدركوا لما نحن امة متخلفة غثاء كمثل غثاء السيل؟ لأننا تخلينا عن الجوهر وتركنا اهل الجاهلية ليتحكموا في عقولنا ويلبسونا الحق بالباطل فظننا ان الصلاة والصوم والحجاب واللحية كافية للحصول على العلا. لا علا إلا بجوهر الدين.
في النهاية، الإنتصار على الظلم وقول الحق حتى وإن كان صعب هو الجهاد الذي ينشده الله ورسوله وهو ما يحتاج إليه مجتمع يبحث عن الفضيلة والأخلاق. لو قلت اليوم كلمه الحق في وجه اقرب الناس إليك – يعني أمك نفسها – وفي حضور ابعد الناس اليك... ولو فعلها كل فرد يصلي اليوم، وقتها فقط نستطيع ان نحلم بغد افضل تحت رعاية حاكم عادل لا يحابي قبيلته على حساب شعبه، واب وام يخافا الحق ولا يتعصبا لأفراد بيتهما على حساب من حولهما من عباد.
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق