مصر القديمة وعبادة الإله الواحد
شهادة سير أرثر واليس بادج عالم المصريات البريطاني الشهير
المصدر: كتابه "الديانة المصرية"
ترجمة سانب
الفصل الأول - صفحتي 17 و18
الإيمان بالإله الواحد
لايسع أي دارس للنصوص المصرية الدينية القديمة إلا أن يقتنع أن المصريين أمنوا بإله واحد ، لم يخلقه أحد ، خالد ، لا يُري ، لانهائي ، كلي العلم ، يتميز بالغموض. هو خالق السماوات والأرض والعالم الأخر ، خالق السماء والبحار ، الرجال والنساء ، الحيوانات والطيور والأسماك ومايزحف علي الأرض ، الأشجار والنباتات ، وخالق الكائنات النورانية التي يرسلها لتحقيق أوامره وكلماته. من الضروري أن نضع هذا الفهم للعقيدة المصرية في بداية الفصل الأول لهذا الكتاب لأن غرضنا هو دراسة المباديء الدينية الأساسية للمصري القديم فكان يجب التوضيح أن كل أصول هذا الدين قائمة علي مفهوم التوحيد هذا.
ويجب أيضاً الإضافة أنه مهما توغلنا في الزمن وعدنا إلي بدايات الحضارة المصرية لا نجد أي فترة زمنية لم يؤمن فيها المصري القديم بهذا الإيمان المدهش. صحيح أن بعض الأفكار التعددية الوثنية قد ظهرت في حياة المصري القديم وتطورت إلي درجة عالية مما أدي إلي أن الحضارات المحيطة به ، وحتي الزوار في مصر ، متأثرين بالمظهر لا بالجوهر ، إعتقدوا أن المصري كان وثنياً قُحاً يؤمن إيماناً كاملاً بتعدد الألهة. وعلي الرغم من هذه الظواهر فإن هذه الفكرة التوحيدية السامية كانت دائماً ابداً في خلفية المصري القديم وتظهر واضحة جلية في كل كتاباته وأدبياته في جميع المراحل الزمنية لهذا التاريخ.
لايعلم أحد من أين أتت هذه الخاصية المدهشة للدين المصري القديم ، ولا يوجد أي أدلة علي أنها واردة عليه من بعض المهاجرين من الشرق ، كما قال بعض العلماء ، أو إلي أنها نتاج طبيعي لسكان مصر الأصليين الذين أستوطنوا وادي النيل منذ ما يقرب من عشرة ألاف من الأعوام ، كما قال البعض الأخر. كل ما نعرفه أن فكرة التوحيد وجدت في مصر من عصور موغلة في القدم حتي أنه من مضيعة الوقت أن نحاول أن نقيس مقدار الزمن الذي مضي منذ نشأتها وتطورها وثباتها في عقول المصريين ، والإحتمالات ضئيلة جداً أننا سنستطيع يوماً ما أن نحصل علي إجابة حاسمة لهذا السؤال الهام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق